کد مطلب:240917 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:127

ان الفعل کله محدث
كلمة مستخرجة من مناظرة مع سلیمان المروزی فی الإرادة التی رواها الصدوق، و لبیان ربطها لابد من ذكر شی ء من المناظرة، قال الرضا علیه السلام:

«أرأیت ما أكل أهل الجنة و ما شربوا ألیس یخلف مكانه؟! قال: بلی، قال: أفیكون یقطع ذلك عنهم و قد أخلف مكانه؟! قال سلیمان: لا، قال: فكذلك كل ما یكون فیها إذا أخلف مكانه فلیس بمقطوع عنهم، قال سلیمان: بل یقطعه عنهم فلا یزیدهم، قال الرضا علیه السلام إذا یبید ما فیها و هذا یا سلیمان إبطال الخلود و خلاف الكتاب لأن عزوجل یقول: «لهم ما یشاؤون فیها و لدینا مزید». [1] و یقول عزوجل: «عطاء غیر مجذوذ»، [2] و یقول عزوجل: «و ما هم منها بمخرجین». [3] و یقول عزوجل: «خلدین فیها أبدا»، [4] و یقول عزوجل: «فكهة كثیرة - لامقطوعة و لاممنوعة». [5] فلم یحرجوابا.

ثم قال الرضا علیه السلام: یا سلیمان ألا تخبرنی عن الإرادة فعل هی أم غیر فعل؟ قال: بل هی فعل، قال: فهی محدثة لأن الفعل كله محدث، قال: لیست بفعل، قال فمعه غیره لم یزل، قال سلیمان: الإرادة هی الإنشاء، قال: یا سلیمان هذا الذی ادعیتموه [عبتموه] علی ضرار و أصحابه من قولهم: إن كل ما خلق الله عزوجل فی سماء أو أرض أو بحر أو بر من كلب أو خنزیر أو قرد أو إنسان أو دابة إرادة الله عزوجل و إن إرادة عزوجل تحیا و تموت و تذهب و تأكل و تشرب و تنكح و تلد و تظلم و تفعل الفواحش و تفكر و تشرك فتبرأ منها و تعادیها و هذا حدها» [6] .



[ صفحه 138]



یری الناطر إلی هذه المناظرة تناقض المروزی إذ مرة ینكر انقطاع الأكل و الشرب من أهل الجنة و العذاب لأهل النار و أنه تعالی یزید كلا منهم، و أخری یدعی قطعها عنهم و منع الزیادة و هو تناقض واضح و الحق ثبوت الزیادة و عدم الانقطاع لآیة «ولدینا مزید» و «لا مقطوعة و لاممنوعة» المتقدمة الذكر، و حیث رد علیه علیه السلام بها فلم یعرف الجواب.

و لاغرو إن تناقضت أقواله إذ لم یأخذها من عین صافیة من علوم آل محمد علیهم السلام ثم نبه علیه السلام المروزی أن ماعاب به علی ضرار بن عمرو أصحابه القائلین بالجبر قد وقع فیه و لایخفی أن هذا المذهب موافق لبعض العرفاء و المتصوفة من وحدة الوجود و أن الكل بالإرادة التكوینیة و قد جاء النص بأن لله إرادتین حتم و عزم و الثانی قد یتخلف فراجع [7] .

ثم الإرادة لاریب فی كونها فعلا و الفعل كله محدث فهی محدثة لامحالة و هذا مذهب أهل البیت علیهم السلام و شیعتهم [8] .

إذا دریت أن الإرادة محدثة فلنعد لی كلام الرضا علیه السلام فی رد سلیمان و إبطال مذهبه بقدمها.

اختار علیه السلام الرد بطرح السؤال و ضرب الأمثال كما سبق منه بالسؤال بقوله: «یا سلیمان أسألك مسألة» ذكرناه عند كلمة «أن الفاعل قبل المفعول». [9] .

و ها هنا سؤال آخر استمرارا لإبطال القول بقدم الإرادة عن طریق علم الله عزوجل و تخلف المعلوم عنه و أن ما تعلق علمه به هل هو كائن لم یتخلف كما فی علمه تعالی بجمیع ما فی الجنة و النار؟ و هل یزید علی الكائن المعلوم أو یطویه عنهم؟!

فإن قال المروزی لا، فقد أنكر فضله و قدرته تعالی، و إن قال: نعم یزیدهم كما أقر بالزیادة و أنها لانهایة لها فقد أبطل مذهبه حیث لم تكن الزیادة من الكائن المعلوم أولا كما هو الفرض فتخلف المراد، و المروزی ینكر التخلف.

و أما الحق الذی لامعدل عنه أن المراد لایتخلف عن الإرادة أی الحتمیة دون



[ صفحه 139]



إرادة العزم كما یأتی بیان ذلك، فلم تكن إن لم یكن كما قال الصادق علیه السلام: «إن المرید لایكون إلا المراد معه»، [10] و الباقری علیه السلام: «و لالإرادته فصل». [11] فیتحقق المراد بلافصل فالفاء قوله تعالی: «كن فیكون» [12] لیس فصلا بل بیان الرتبة بأن الفاعل قبل المفعول كما ذكرناه فی «أن الفاعل قبل المفعول»، [13] و أن القبلیة قبلیة القیام به كما قال العالم علیه السلام:

«فالعلم بالمعلوم قبل كونه، و المشیة فی المنشأ قبل عینه، و الإرادة فی المراد قبل قیامه». [14] نعم له تعالی إرادتان: إرادة حتم تسمی بالإرادة التكوینیة، و إرادة عزم نسمی بالإرادة التشریعیة بمعنی یرید تعالی المراد بإرادة العبد فقد توافق إرادته و قد تخالفها بالعصیان و أما التكوینیة فلا تخلف بین الإرادة و المراد ففی الرضوی [15] «... و یحك یافتح إن لله إرادتین و مشیئتین إرادة حتم و إرادة عزم ینهی و هو یشاء، و یأمر و هو لایشاء، أو مارأیت أنه نهی آدم و زوجته عن أن یأكلا من الشجرة و هو یشاة ذلك، و لو لم یشأ لم یأكلا و لو أكلا لغلبت مشیئتهما مشیة الله، و أمر إبراهیم بذبح ابنه اسماعیل علیهماالسلام و شاء أن لایذبحه و لو لم یشأ أن لایذبحه لغلبت مشیة إبراهیم مشیة الله عزوجل...» [16] .

خرجنا عن بیان الرضا علیه السلام فلنعد ثانیا.

قال ما حاصله إن الكائن المعلوم لاتمنعه الزیادة غیر المتناهیة و هی معلومة له تعالی فما ادعاه المروزی من عدم المعلومیة لعدم التناهی فاسد و لیس العلم به موجب لانقطاعه و الآی المذكورة تشهد بذلك و تنص علی عدم الانقطاع و لا ریب أن الأكل و الشرب فی الجنة یخلفان مكانهما بما لاانقطاع و كذا ما فی النار و الدلیل علی ذلك آیة «لامقطوعة و لاممنوعة» و إنكار الزیادة إبطال للخلود.

و هل هذا یربط قدم الإرادة؟ إصرار المروزی علی إنكار الزیادة دلیل الربط و إثباتها تصریح بلزوم حدوثها فافهم فإنه دقیق.



[ صفحه 140]




[1] ق: 35.

[2] هود: 108.

[3] الحجر: 48.

[4] النساء: 57، البينة: 8.

[5] الواقعة: 33 - 32.

[6] التوحيد 448 - 447، عيون أخبار الرضا 149 - 148/1.

و في هامش التوحيد 448: أي فتبرأ من الإرادة بالمعني الذي ذهب إليه ضرار و تعاديها مع أن هذا الذي ذهبت إلي من أن الإرادة هي الإنشاء حد الإرادة بالمعني الذي ذهب إليه ضرار.

[7] حرف الهمزة مع الراء.

[8] المصدر.

[9] حرف الهمزة مع النون.

[10] التوحيد 146.

[11] التوحيد 58.

[12] يس: 82.

[13] حرف الهمزة مع النون.

[14] التوحيد 334.

[15] كما استظهر المعلق في هامش التوحيد 61 أن الحديث للرضا عليه السلام.

[16] التوحيد 64.